هاواي طبيعة ساحرة.. وتناقضاتها تخطف الأنفاس
جمال هاواي مدهش.. ويصيب الزائر بالحيرة فعلا: قمم بركانية من أكثر من جانب، وبالقرب من هذه القمم البركانية قمم تكسوها الثلوج، وغابات استوائية تحوي آلاف الأنواع من النباتات والأشجار الباسقة والمعمرة، التي لا يمكن أن تتواجد مجتمعة إلا في هاواي.. شلالات تهدر مياهها من ارتفاعات شاهقة.. طيور وزهور من كل الألوان.. شطآن المحيط الهادئ تُزَنّر هذه الجزر من كل الجهات.. مناظر تخلب الألباب الى درجة أن البعض، كما سمعت، يخافون على أنفسهم اعتقادا منهم أنهم أصيبوا بالهلوسة فراحوا يتخيلون أشياء أو مناظر لا وجود لها، بينما هم في الحقيقة يرون ويعيشون الحلم الذي ظلوا لسنوات يتمنونه وهو زيارة هذه الجزر الساحرة.
ففي هاواي وحدها دون سائر مناطق العالم يستطيع المرء في يوم واحد أن يمارس تسلق الجبال والتزلج على الثلوج، وركوب الأمواج والسباحة مع الدلافين ومداعبة السلاحف الضخمة، وصيد السمك والاستمتاع بلقاء النار والماء. وقبل أن يخلد للنوم بإمكانه الاستمتاع برصد النجوم والاستماع إلى صراخ الشياطين (حفيف الأشجار).
الوصول إلى مطار العاصمة هونولولو كان قرابة الرابعة عصرا، بعد رحلة استغرقت ثماني ساعات ونصف الساعة قطعت الطائرة خلالها أكثر من 5600 كيلومتر من دون توقف.. وبمجرد النزول من الطائرة تستقبلك ابتسامات الترحيب مع كلمة ألوها Aloha التي تتردد على كل لسان.. تلقاها مكتوبة على جدران المطار، وتعرف أن اللقب الذي تحمله هاواي هو "ولاية ألوها" تعبيرا عن ترحيبها بالزوار.
عند البوابة الرئيسية لدخول منطقة البراكين، تحذير آخر أكثر وضوحا من سابقيه يشير إلى أن أقرب مركز طبي يبعد أكثر من عشرة كيلومترات، وانه لا داعي للمخاطرة إذا كنت تعاني من أي أمراض في القلب أو الجهاز التنفسي. وتشير الأرقام الرسمية إلى أن كمية غاز ثاني أكسيد الكبريت المنبعثة من شقوق المنطقة تقارب 2500 طن كل يوم.
وبمجرد عبور البوابة، بعد دفع الرسوم بالطبع، يرى الزائر على جانبي الطريق فوهات بركانية صغيرة يتصاعد منها البخار، مما يدل على أن الأعماق تغلي بالحمم التي تنتظر لحظة الانطلاق. وبالإمكان إيقاف السيارة والتقاط الصور حيث يتجمع المئات من الزوار حول كل فتحة أرضية. الكل يريد التقاط الصور التذكارية، ويؤكد أنه أجمل عرض للطبيعة الغاضبة على وجه الأرض.
تبلغ مساحة المنطقة، التي يسمونها منتزه البراكين، 333 ألف فدان، وتتراوح في الارتفاع بين مستوى سطح البحر وقمة "مونا– لو" التي تعلو 13677 قدما فوق سطح البحر. ويستطيع الزائر مواصلة قيادة السيارة في الكثير من أجزاء المنتزه، لكن بعض المناطق تظل مغلقة بسبب خطورتها حيث الحمم البركانية تحولها إلى جحيم حقيقي. ويمكن مشاهدة الحمم عبر المناظير المكبرة وأحيانا بالعين المجردة، خصوصا في الليل.
بالقرب من القمة يوجد متحف مخصص لعرض نماذج للصخور والحمم البركانية.. وبالقرب منه مرصد لمتابعة حركة الأعماق، خصوصا أن النشاط البركاني مرتبط بالزلازل أيضا.
ونعلم أن قمة كيلو– وا، التي يعني اسمها بلغة أهل البلاد "كثيرة التقيؤ"، نشطت بصورة مفاجئة في الثالث من كانون الثاني/يناير 1983 ولا تزال في قمة نشاطها وبذلك فهي تعتبر الأطول نشاطا، من الناحية الزمنية، بين كل براكين العالم على مدى التاريخ المعروف.